أولا- معنى الغيبة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما الغيبة؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال "ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته" أي ظلمته. رواه مسلم.
فالغيبة هي ذكر المسلم أخاه الغائب بما يكره، سواء كان ذلك الذكر في بدنه أو دينه أو دنياه أو خلقه، أو ولده أو نسبه أو زوجه أو خادمه، أو في ثوبه ومشيته وحركته، أو في بشاشته وعبوسه، أو غير ذلك.
وتقع الغيبة بذكر المسلم لأخيه بما يكره سواء عبر عن ذلك بالألفاظ والكلمات، أو بالإشارة والتلميحات، أو بالكتابة، أو نحو ذلك.
ثانيا- بين الغيبة وتحليل شخصيات الآخرين بنية الإصلاح:
وقد نهى المولى سبحانه وتعالى المسلمين عن الوقوع في الغيبة، فقال تعالى: (ولا يغتبْ بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميْتا فكرهتموه).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرْضه". رواه مسلم.
إلا أن هناك عدة مواضع يباح فيها ذكْر بعض صفات المسلم الغائب، وذلك لأغراض شرعية، ومن هذه المواضع الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب، فيقول الفرد لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يفعل كذا فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حراما، ونحسب أن الموقف الذي ذكر يدخل ضمن هذا الاستثناء ما دام الهدف هو الإصلاح.
وحتى لا يخرج الأمر عن هدفه الأصلي وهو الإصلاح، فهناك عدة ضوابط ينبغي الالتزام بها عند دراسة وتحليل بعض الشخصيات بغرض الإصلاح:
1- نضبط النية:فمن الضروري قبل الحديث عمن نريد إصلاحه أن نتوقف لحظات نضبط فيها نياتنا حتى لا يغيب عنا الهدف الحقيقي وهو الإصلاح، ثم من الضروري أيضا أن نظل مراقبين لهذه النية حتى لا تتغير إلى شيء آخر، فندخل في دائرة المحظور.
2- ليكن في أضيق الحدود:
فينبغي ألا يتناول هذا الأمر إلا المعني بالإصلاح، والمرجو فيه القدرة على إتمام هذا الإصلاح فقط، فليس من المقبول أن نتخذ غرض الإصلاح ذريعة للخوض في أعراض الآخرين، فنبحث ونحلل شخصية من نعمل على إصلاحه مع كل من له علاقة بعيدة كانت أو قريبة بهذا الذي نرجو إصلاحه.
3- لا نوسع أبعاد التناول:
وكذلك ينبغي ألا يتعدى هذا التناول لشخصية من نريد إصلاحه حدود المراد إصلاحه فقط، دون التطرق إلى أمور أخرى.
4- نحسن ونجمل التعبيرات:
فمن الجميل أن نحسن انتقاء واختيار التعبيرات العفيفة عند الحديث عن بعض صفات من نعمل على إصلاحهم، وذلك اقتداء بسلفنا الصالح الذين اعتنوا بالتزام العفة في التعبير، حتى عند تجريح رواة الأحاديث، فهذا الإمام الشافعي يسمع أحد طلابه وهو يقول عن أحد الرواة إنه كذاب، فيقول: "يا إبراهيم، اخترْ من ألفاظك أحسنها، لا تقل كذابا، ولكن قل: حديثه ليس بشيء".
5- لا نناقشه مرة أخرى:
بعد أن ينتهي الحديث في هذا الشأن ينبغي ألا نشغل أنفسنا بالتعليق عليه أو الحديث فيه مرة أخرى، بل ننشغل بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من برامج لإصلاح من نرجو إصلاحه.
6- نحذر غيبة القلب:
فكما أن الغيبة تكون باللسان تكون أيضا بالقلب، وذلك بأن يحدث المرء نفسه بمساوئ غيره، فيقع بذلك في سوء الظن، فلنحذر من الوقوع في غيبة القلب.
ثالثا: تحسس أخبار المدعوات:
أما عن تحسس وتعرف أخبار مدعوة من جارتها أو صديقتها بغرض معرفة إلى أي مدى أثرت فيها اللقاءات أو بغرض تغيير اتجاه الدعوة معها، فمن الأفضل الابتعاد عن هذا الأسلوب حتى نبتعد عن شبهة التجسس، وهناك أساليب أخري من الممكن اتباعها لمعرفة مدى تأثرها بالبرامج التربوية مثل:
1- المعايشة والملاحظة:
فيمكن الوقوف على مدى تقدم مستوى المدعو، ومدى تأثره بالبرامج التربوية المقدمة له من خلال ملاحظة مدى تفاعله مع البرامج التربوية أثناء تنفيذها، ثم التعرف على آثارها من خلال معايشته وملاحظته في مواقف الحياة اليومية، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعيش مع أصحابه ويلاحظ تصرفاتهم، فإن رأى منهم ما يكره قدم إليهم النصح والإرشاد.
2- التقارير الذاتية:
ونعني بها الاطمئنان على أحوال المدعو بسؤاله عنها بصورة مباشرة، وذلك مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأل أصحابه فقال: "من أصبح منكم اليوم صائما؟" قال أبو بكر: أنا. قال "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟" قال أبو بكر: أنا. قال "فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال "فمن عاد منكم اليوم مريضا؟" قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة" رواه مسلم.
3- الاستبيانات والاستفتاءات:
كذلك يمكننا استعمال الاستبيانات والاستفتاءات بعد إعدادها بصورة جيدة ومناسبة لتعطينا مؤشرات لمدى تأثر المدعو بالبرامج التربوية التي تقدم له.